Header Ads Widget

إعادة النظر في المشهد السياسي: بين الكفاءة والتدبير ومسؤولية الأحزاب


إعادة النظر في المشهد السياسي: بين الكفاءة والتدبير ومسؤولية الأحزاب


بقلم: نعيمة القجدوحي


في ظل التحولات السياسية التي تشهدها الساحة الوطنية، أعلن للرأي العام عن قراري عدم الترشح للانتخابات مستقبلًا تحت أي مظلة حزبية، انطلاقًا من قناعة راسخة تشكلت بفضل مبادرة جيل 2030 والتي دفعتني إلى إعادة النظر في اختياراتي، ليس فقط كفاعل سياسي، ولكن كأم تسعى إلى تأسيس مستقبل أكثر إشراقًا للشباب، قائم على القيم والمبادئ واحترام الذات.


لقد كرّست جهودي كمربية لغرس الثقة بالنفس في أجيال من التلاميذ، وتشجيعهم على التعلم الجيد لتحقيق أحلامهم، غير أن الواقع السياسي المحلي كشف عن أوجه الخلل العميقة، حيث بات الجاهل يقود المثقف، ويستغل ضعف الفئات الهشة لتحقيق مصالحه الضيقة.


لقد أصبحنا أمام مشهد سياسي يعاني من الانحطاط، حيث يتم تمرير خطابات زائفة ومشاريع وهمية، ويتحول بعض المنتخبين إلى أدوات للمصالح الشخصية بدلًا من خدمة الصالح العام. وفي المقابل، يواصل المثقف الرضوخ لهذا العبث، إما خوفًا أو مجاملة، وهو ما يضع مستقبل الوطن والشباب على المحك.


إن استغلال صورة النساء في المشهد السياسي بأساليب تمس بكرامتهن ونضالهن، والترويج لفكرة أن المرأة لا يمكنها ممارسة السياسة إلا بموافقة الرجل، هو إهانة لجميع النساء المناضلات اللواتي أثبتن أن السياسة ليست امتيازًا، بل مسؤولية وطنية مشتركة بين الجميع.


إننا اليوم أمام مفارقة خطيرة، حيث يشترط تولي مناصب التدبير والتسيير داخل مؤسسات الدولة توفر المرشح على الكفاءة والتجربة والمؤهلات العلمية، بينما يتم استثناء هذه المعايير عند اختيار المنتخبين الذين يقررون في السياسات العامة، ليصبح المعيار الوحيد هو القدرة على كسب الأصوات، بغض النظر عن الكفاءة والاستحقاق.


إن المغرب اليوم بحاجة إلى كفاءات حقيقية تضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة، وتعيد الاعتبار للعمل السياسي القائم على المنطق والرؤية الاستراتيجية، لا على المصالح الضيقة والولاءات العابرة. كما أننا بحاجة إلى أحزاب مسؤولة تضع التنظيم في قلب أولوياتها، وتعمل على إصلاح الاختلالات الداخلية بدلًا من الدفع بمدن بأكملها نحو المجهول.


نريد مغربًا جديدًا يليق بمكانته الدولية، وصورة مشرفة لوطننا وهو مقبل على استضافة العالم في محافل دولية بارزة. نريد صوتًا وطنيًا مخلصًا، مدبرًا محنكًا، محاورًا متمكنًا، عاشقًا لوطنه وأهله. نريد تنافسًا سياسيًا شريفًا يكرّس قيم الديمقراطية ويبتعد عن الصراعات الشخصية الضيقة، ويتقبل نتائج الانتخابات بروح رياضية عالية.


بقلم أمٍّ تتطلع إلى مستقبل أفضل لأولادها الشباب، مستلهمة رؤيتها من مبادرة جيل 2030، التي تستحق كل التنويه، لأنها دفعتنا إلى مراجعة أفكارنا وقناعاتنا من أجل بناء مغرب أكثر عدلًا وإنصافًا.